Home

الدكتور جعجع: القوات باتت تاريخًا قائمًا بحد ذاته

27-03-2025

أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أن “القوات” ليست مجرد حزب، بل هي تاريخ بحد ذاته”، متوجهاً للمنتسبين الجدد في الحزب بالقول: “هذا اليوم ليس معاملة إدارية، فلا تفكروا أنكم جئتم لتقديم طلب انتساب أو استلام بطاقة عضوية فحسب، كما لو أنكم تذهبون لاستخراج رخصة قيادة أو بطاقة رعاية صحية أو رخصة بناء أو ما شابه. ما يحدث اليوم ليس معاملة إدارية على الإطلاق، بل هو أبعد ما يكون عن ذلك. إنه يوم مميّز جداً في حياتكم. ومن لا يشعر بأن هذا اليوم استثنائي، عليه أن يعيد النظر في انتمائه، لأن هذا اليوم يشبه إلى حد كبير – وإن من بعيد – لحظة استلامكم بطاقة هويتكم الوطنية”.

كلام جعجع جاء خلال حفل تسليم البطاقات للمنتسبين الجدد، والذي أقامته الأمانة العامة للحزب في المقر العام في معراب، في حضور: الأمين العام اميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون المناطق جورج عيد، الأمين المساعد لشؤون الإدارة رفيق شاهين، منسقي مناطق: البقاع الشرقي جورج مطر، عاليه طوني بدر، بيروت ايلي شربشي، البقاع الغربي – راشيا ملحم منصف، زحلة ألان منيّر، رئيس مصلحة النقابات طوني نون، رئيس جهاز الإدارة نهرا بو يونس، رئيس مكتب الإنتسابات جان نصرالله، رئيس الجامعة الشعبيّة مارون عكر، عدد من رؤساء المراكز، رؤساء مكاتب الإنتساب في المناطق، رؤساء وأعضاء مكاتب التنشئة السياسيّة في المناطق، أمناء سر المنسقيات وأعضاء مكاتب المنسقيات.

وكان قد استهل جعجع كلمته بالقول: “صراحة، القوات اللبنانية باتت تاريخاً قائماً بحد ذاته. أود أن أذكّركم جميعاً بأن في مثل هذا اليوم من العام الماضي، بلغ عمرنا الفعلي خمسين عاما، أي نصف قرن. ونصف قرن يعني تاريخاً حقيقياً، خصوصاً عندما تكون هذه الخمسون  عاما مليئة بالأحداث كما شهدناها منذ العام 1975 وحتى اليوم”.

ولفت إلى أنه “في مناسبة كهذه، أحتار من أين أبدأ، لأن القوات اللبنانية ليست مجرد حزب، بل هي تاريخ بحد ذاته. لقد استمعت إلى رفيقنا مارون عكر وهو يتحدث عن الفكر، وهذا أمر مهم جداً، لكنه يبقى جزءاً من تاريخ القوات اللبنانية. سمعت أيضاً الأمين العام يتحدث عن النظام الداخلي، وهو في الحقيقة تقدّم أُنجز خلال السنوات العشرين الأخيرة من عمر الحزب، لكنه يبقى مجرد إطار قانوني. أما القوات اللبنانية الفعلية، فهي تلك المجموعات من الشباب التي تكوّنت تلقائياً في العام 1975 للدفاع عن أرضها وقراها، من دون أي أهداف بعيدة أو نظرية، إنما كان فعلاً مباشراً، انتهى بنا إلى وجود حزب “القوات اللبنانية”.

وتابع: “أعود اليوم، في هذه المناسبة، إلى الرفاق والرفيقات المنتسبين الجدد – لأنني أرى العديد من المنتسبين القدامى، وهذا أمر مشرّف طبعاً – لأقول لكم: اعتبروا أن هذا اليوم ليس يوماً عادياً في حياتكم. هذا اليوم ليس معاملة إدارية، فلا تفكروا أنكم جئتم لتقديم طلب انتساب أو استلام بطاقة عضوية فحسب، كما لو أنكم تذهبون لاستخراج رخصة قيادة أو بطاقة رعاية صحية أو رخصة بناء أو ما شابه. ما يحدث اليوم ليس معاملة إدارية على الإطلاق، بل هو أبعد ما يكون عن ذلك. إنه يوم مميّز جداً في حياتكم. ومن لا يشعر بأن هذا اليوم استثنائي، عليه أن يعيد النظر في انتمائه، لأن هذا اليوم يشبه إلى حد كبير – وإن من بعيد – لحظة استلامكم بطاقة هويتكم الوطنية”.

واستطرد: “اليوم، أنتم تتسلّمون هوية جديدة، لا علاقة لها بالهوية البيولوجية أو الجغرافية. فالهوية البيولوجية نأخذها تلقائياً لأننا وُلدنا من أب وأم في مكان معين، فيُسجّل اسمنا ونُعطى بطاقة هوية على هذا الأساس. أما اليوم، فأنتم جئتم لتأخذوا بطاقة هوية من خياركم الحر مئة بالمئة. لم يُفرض عليكم ذلك، لا “بالخَلقة” ولا بالطبيعة ولا بالجغرافيا، بل هذا خيار إرادي صرف. هذه الهوية التي تنالونها اليوم، ترتبط بدوركم في الحياة وفي التاريخ، لا بالبيولوجيا أو الجغرافيا، بل بموقعكم من العالم ومن مصيره”.

وقال جعجع: “هنا نصل إلى نقطة مهمة جداً: دوركم في الحياة. في الآونة الأخيرة، ليس في لبنان فحسب بل حتى في الغرب وكثير من دول العالم، تغيّر مفهوم الدور في الحياة. كثير من الناس، بكل أسف، أصبحوا يعيشون على هامش الأحداث، رغم أن حياتهم كلّها تتأثر بالأحداث. فكيف يعوّضون عن غياب هذا الدور؟ يعوّضون عنه بالتذمّر، وبالانتقاد، وبالحديث المستمر عن السياسيين الذين سرقونا وأساءوا الإدارة. يكرّرون الشكوى، طوال الليل، ثم ينامون ويستيقظون في اليوم التالي ليفعلوا الشيء نفسه. لكن أنتم اليوم مختلفون. أنتم تضعون أنفسكم في موقع التأثير على هذه الأحداث التي تؤثر في حياتكم. مثلاً، نعم، هناك من سرق أموالنا في المصارف، لكن لا يكفي أن نشتكي. المطلوب أن نتحرك، نعمل، ونتنظّم، كي لا يعود أحد ليسرق أموالنا وأموال الناس مجدداً. دوركم في الحياة شديد الأهمية. فإما أن نكون مثل أولئك الذين لا يفعلون شيئاً سوى المشاهدة والبكاء، أو نكون من أصحاب التأثير الذين يغيّرون مجرى الأمور ضمن نطاقهم”.

وشدد على ان “هذه الهوية التي تنالون اليوم، تمكّنكم من التأثير على مجرى الأحداث التي تمسّكم وتمسّ حياتكم”. وقال: “النقطة الثانية هي مسألة التاريخ. نحن جميعاً هنا جزء من تراكم طويل من الأجيال، أجيال تعبت وناضلت لتوصلنا إلى ما نحن عليه. وإن أردنا أن نراجع تاريخ عائلاتنا فحسب، سنكتشف أن كل واحد منا هو امتداد لسلسلة طويلة من التضحيات والمقاومة. وبالتالي، أمامنا خياران: إما أن نعيش في صلب التاريخ ونكمل ما بدأه أجدادنا – ولو لم يكونوا منتسبين حزبياً، إلا أنهم مارسوا ما نمارسه اليوم عن وعي – أو أن نعيش على هامش التاريخ”.

وأشار جعجع إلى أنه “إذا راجعتم تاريخ البشرية، سترون أنه في كل مرحلة، يُذكر شخص أو اثنان أو ثلاثة، ومجموعة أو اثنتان، والباقي – رغم كثرتهم – لا يُذكرون لأنهم عاشوا على الهامش”. وقال: “اليوم، الهوية التي تأخذونها هي قرار بالعيش في قلب التاريخ، والالتزام بمسيرة أجيال من المقاومين منذ 1500 سنة حتى الآن. هذه الهوية تعني أنكم لا يمكن أن تكونوا متفرجين على ما يحدث، بل يجب أن تكونوا فاعلين. يجب أن تدركوا أنكم اخترتم هذا الانتماء بإرادتكم، تماماً كما اختار الشهداء مصيرهم، لأنهم ذهبوا إلى الموت عن سابق تصور وتصميم. لم يموتوا بالصدفة أو بسبب الفقر أو الإهمال، بل ذهبوا إلى المعركة مدركين أنهم قد يُستشهدون. لذلك، ما تفعلونه اليوم، هو اختيار مماثل. أنتم تضعون “المحبس” لا في أصابعكم، بل في قلوبكم. هذا الالتزام سيرافقكم مدى الحياة، بإذن الله، وصولاً إلى تحقيق الأهداف التي لا نعمل نحن وحدنا لأجلها، بل نكمل فيها مسيرة أجيال سبقتنا منذ آلاف السنين”.

وتطرّق جعجع إلى دور “القوّات”، وقال: “كلمة صغيرة أخيرة حول دور القوات اللبنانية: لتدركوا تماماً أين أنتم اليوم. إذا نظرنا إلى لبنان قبل ثلاثة أو أربعة أشهر – رغم أن الوضع تحسّن قليلاً الآن – وحذفنا القوات اللبنانية من المعادلة، فبشرفكم، ماذا كان سيبقى من لبنان؟ ماذا كان سيحدث في زحلة؟ وماذا كان سيحدث في جونية؟ وفي سائر المناطق؟ من كان سيبقى؟ لا أعرف، لكني أعتقد أن الوضع كان سيتغيّر كثيراً نحو واقع لا يشبه ما نطمح إليه”.

وشدد على أنه “بانتسابكم اليوم، أنتم تضعون في أيديكم مهمة عظيمة، ليست عبئاً، بل شرفاً. لكنها تتطلب عملاً كثيراً، وجهداً كبيراً. وفي نهاية المطاف، يمكن لكل واحد منكم أن ينام مرتاح الضمير، لأنه يقوم بما يجب أن يقوم به”.

واعتبر أن “في المجتمع نوعين من الناس: من يمرّون من دون أن يتركوا أثراً، ومن يتركون بصمة في كل مكان. أنتم من الذين قرّروا أن يتركوا بصمة”.

وختم: “أهنئكم فرداً فرداً على انتسابكم، وأطلب منكم أن تكونوا أوفياء لهذا الانتساب حتى اللحظة الأخيرة، كما كان رفاقنا الأوفياء منذ خمسين سنة حتى اليوم، أولئك الذين وصلوا إلى الاستشهاد، أو الإصابة، أو السجن، أو تعبٍ كبير، أو أي مصير قدّره الله لهم. فلنبقَ دائماً في قلب الخير، وسأراكم تباعاً على هذا الدرب الطويل”.

وكان الإحتفال قد استهل بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب “القوّات اللبنانيّة”، ومن ثم كانت كلمة للأمين العام للحزب اميل مكرزل، قال فيها: “نحن نفرح كثيراً، حين نرى أن أحزاباً كثيرة جاءت إلى هذا البلد، وانضم إليها أناس، وكانوا يدخلون إليها بهدف أخذ شيء منها. واليوم نرى أن هذه الأحزاب لم تعد موجودة، ونتطلع إلى حزب القوات اللبنانية، الذي ندخله لنعطيه كل شيء”.

وتابع: “عندما نتحدث عن الشهادة، أحب أن أضعها في إطار الانتماء. نحن نلتحق بالحزب ونضع في قلبه كل شيء، وبعد ذلك يكبر هذا الحزب ويكبر ويكبر، على المستوى الشخصي أولاً، وكل واحد منا يشعر بذلك”.

وأشار إلى أننا “جيل لم يعرف الدكتور سمير جعجع قبل خروجه من المعتقل، ولكن كان لدينا شعور عميق بأننا سنعمل مع سمير جعجع، وأنه سيخرج من المعتقل. أي تحليل سياسي في ذلك الوقت، وأي شخص منطقي، لم يكن ليقول إن رجلاً موجوداً في الطابق الثالث تحت الأرض، سيخرج، وسيُخرج السوري، وهو يخرج من تحت الأرض. في ذلك الوقت، لا أعلم إن كان الحكيم على علم، كانوا يقولون لنا “إن أمرا حصل له ، وإنه نُقل إلى المستشفى”، لأنهم كانوا يلعبون بكل هذه الأمور التي كانت تهزّنا أحياناً. ولكن، في الوقت ذاته، كان هناك ثبات في الموقف السياسي، ولم تتخلَّ القوات اللبنانية عن موقفها السياسي لتقايض ذلك بالإفراج عن سمير جعجع. لأنه، لو أراد سمير جعجع الخروج من المعتقل بثمن سياسي، لكان هو من قرر ذلك بنفسه. كثيرون منا هنا مرتبطون بالسجن: فكرياً، تنظيمياً، عسكرياً. قاتلوا، واليوم نحن نقوم بعملية ارتقاء لنرتقي بالمؤسسة التي تُدعى “السجن اللبناني”.

وتابع: “سأوضح الفرق. حين نكون جميعنا مرتبطين بالسجن وحركته السياسية، ننتخب مع القوات، أهلنا قوات، نرتبط فكرياً بالقوات. هذا بالتأكيد جزء أساسي لاختيارنا الانضمام لحزب القوات اللبنانية. لكن، حين ندخل إلى داخله، يجب أن نكون على علم بما ننتظره منكم، وما أنتم تنتظرونه منا، لكي نسير فعلياً كرفاق، ونحقق الأهداف التي تأسست القوات اللبنانية من أجلها. لأن القوات اللبنانية، بالنسبة لنا، مهما عظمت، تبقى وسيلة لتحقيق أهداف. وإلا كنا غيّرنا الأهداف وأبقينا الوسيلة، وهذا ما لم يفعله القائد، ولا أحد من الكثيرين الموجودين هنا”.

وتوجّه إلى المنتسبين الجدد بالقول: “نحن ننتظر منكم أن تدخلوا إلى مراكزكم بشكل إيجابي، لا لأننا نريد إجراء عشرات الانتخابات لزعزعة موقع رئيس المركز، بل نريد منكم دخول هذه المراكز لتطويرها، والتفاعل فيها بشكل أفضل، لكي تدركوا معنى الحياة الحزبية ضمن روحية القوات اللبنانية. لكي تعرفوا أن أي موقع شاغر في القوات هو موقع لخدمة عامة، موقع لتحسين القوات وتطويرها. لا يمكننا الحديث عن الشهادة والتضحيات وما إلى هنالك، ويكون التعاطي شخصياً. الروحية يجب أن تترجم في الحياة اليومية، فهي ليست شيئاً ملموساً، تماماً كما الشهادة. لذلك، ننتظر منكم انتساباً إيجابياً للمركز، وتفاعلاً إيجابياً مع المراكز الأخرى، وتنافساً إيجابياً بين بعضنا البعض لنتحسّن، وتواصلاً إيجابياً مع مختلف الأطراف والمنسّق، وجميع الشباب المتواجدين في نطاقكم الجغرافي، لكي نطوّر المنطقة التي ننتمي إليها”.

وتابع: “إذا رأيتم رفيقاً يخطئ، يجب التحدث معه في الإطار الصحيح، أن نقول له: “دعنا نرى ما يمكننا فعله معاً”. فإذا لم تكن هناك غيرة إيجابية بيننا، سندخل القوات وننشئ إشكاليات، وننقل آفات المجتمع كلها إلى داخل القوات اللبنانية. نحن نريد أن يكون التعاطي والممارسة داخل القوات اللبنانية هي ما ننقله إلى مجتمعنا. لهذا السبب، أعتبر هذا الانتساب ارتقاءً، وكلما استطعنا التواصل مع بعضنا البعض أكثر، كان ذلك أفضل”.

وأوضح أن “مكاتب الأمانة العامة مفتوحة بشكل كامل. مكتب رفيقنا جورج، مكتبي، ومكتب أي شخص يمكنكم الوصول إليه، عليكم أن تفعلوا ذلك قبل أن نصل إلى أي مشكلة. هذا ما ننتظره منكم، وهذا ما نتمنى أن تقوموا به. أنتم صورة القوات، كل فرد منا هو صورة القوات. لا أحد لديه مشكلة تاريخية مع القوات، بل مع بعض الأشخاص الذين أخطأوا. أنتم في موقع يمكنكم فيه التطور فكرياً وتقنياً. جهاز التنشئة حاضر لمتابعتكم. وإذا شاء الله، نستمر كمجموعة. ومن المهم دائماً أن يضع الفرد المجموعة أمامه”.

واستطرد: “نحن نقول لكم إن النظام الداخلي والمسار الحزبي في القوات سيوفّران لكل منا فرصة التقدّم وتحمل مسؤوليات، لأننا لسنا بلا طموح، ومن أراد أن يتقدم في القوات ويخدم أكثر، فالنظام الداخلي يتيح له ذلك. لكن لنعمل ضمن إطار الحفاظ على هذه الروحية، لأنها أغلى ما لدينا. هذه الروحية هي ما جعلنا نتجاوز أحد عشر عاماً من الاعتقال، وبعد تلك السنوات، هذه الروحية هي التي أسست الحزب، الذي يُعد اليوم الحزب الأكبر.

وشدد في ختام كلمته على أن “علينا أن نحافظ على هذه الروحية، ونبني التنظيم على أساسها. شكراً جزيلاً لحضوركم، شكراً جزيلاً لتجاوبكم. كلما كانت مشاكلنا أقل، توفر لنا الوقت لنفكر أكثر، وننتج أكثر، ونحقق أهدافاً أكبر، بوجود القائد على رأس المؤسسة”


Continue reading

Current track
Title
Artist

همّك همّنا مع فادي ناكوزي الساعة الثانية عشرة تابعوا